[لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات قديمها وحديثها من مظاهر الفساد الإداري بما فيها مجتمع الإسلام على الرغم من الطهر والعفاف والعفة والنقاء التي ميزت الفكر الإسلامي على مر العصور والأزمنة .
إن الناظر لا تخطئ عينيه صور الخلل ، والمفارقات الكبيرة ، والمباينات الشاسعة بين واقع الأمة ومنهج الإسلام .
فالناظر يرى صور الانحراف كثيرة وعميقة ، و متعددة الأمثلة وبيّنة فيما تبديه من ممارسات ظاهرة أو مستترة ، حتى إن الإنسان إذا أمعن في جمع هذه المتفرقات ، وأكثر من حشد الأمثلة والصور ظهرت حينئذ ربما صورة مفزعة ، تجعل اليأس يدب إلى النفوس ، ويوهن من عزائمها , حتى قال الشاعر يرثي حال الأمة :
بلغت أمتي من الذل حــــــــدا فاق في سوءه جميع الحـدود
فلقد أصبحت تجر خطــــــاها مثقلات في ذلـــــــــة ونكـــود
بعد أن كانت العزيزة صارت رمز ذلة وأمـــــــــــة التشريد
وبالتالي نجد أن هناك انفصام بين النظرية والتطبيق وبين التصور والسلوك وبين القناعات والأداء ومرد هذا إلى ضعف التدين وغلبة الهوى والسعي واللهث نحو تحقيق المصالح الشخصية إضافة لضعف الرقابة الداخلية ورقابة المجتمع . ولكن النبي – صلى الله عليه وسلم – وخلفائه الراشدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين استطاعوا معالجة هذا الأمر من خلال أستغفر اللهخدام عدد من الأساليب كأسلوب الترغيب والترهيب وهذا ما سيتم تفصيله لاحقا .
إن الحديث عن الفساد لا يخص مجتمعا بعينه أو دولة بذاتها , وإنما هو ظاهرة عالمية تشكو منها كل الدول , لما له من خطر على الأمن الاجتماعي والنمو الاقتصادي والأداء الإداري , ومن هنا حازت هذه الظاهرة على اهتمام كل المجتمعات وكل الدول وتعالت النداءات إلى إدانتها والحد من انتشارها ووضع الصيغ الملائمة لذلك .
لذلك كان لزاماً علينا أن نبحث عن مصادر إحياء أخلاق العمل الإداري فينا
وأوجزها فيما يلي :
1- الدين Religion
2- الأسرة Family
3- مؤسسات التعليم Education Institutions
5- المجتمع Community
6- القدوة الحسنة Role models
7- الحس الوطني Patriotism
8- الذات Self
فهذه مجموعة من المصادر الرئيسية التي يجب أن تكون نصب أعيننا كافراد وجماعات ومرؤسين ورؤساء كحكام ومحكومين
وللتفصيل ما يلي
أولاً الدين ...
إن التزام المدير ( رجل الأعمال ) بأخلاقيات تبعاً للنظم الوضعية لن يكون إلا بمقدور خوفه من العواقب المترتبة على عدم الالتزام بها ، ؟إلا أن الدين يشكل أوسع وأهم المصادر الأخلاقية والقيم الإدارية . فالدين يحض على الاستقامة والطاعة وترشيد الأستغفر اللههلاك والنفقات كما يحض على النزاهة في العمل مع الآخرين فهذا من وجهة وأما من الجهة الأخرى فلأنه هو المصدر الحقيقي للمسئولية الشخصية والتي تتبع الرقابة الذاتية. فالرقابة بأنواعها من تقاليد حديثة لا يمكن أن تحقق الرقابة الجدية. والفوائد المستوحاة إذا لم تكن نابعة من ذا بالفرد، وتتبع أهمية الرقابة الذاتية نظراً لصدورها عن الفرد ذاته انطلاقة من إيمان وإحساس بأهمية النقد الذاتي وفائدته والوعي الأكيد بالمسئولية الذاتية نتيجة اندفاع داخلي دون الخوف من عقاب أو طمع في جزاء أو نتيجة ضغط أو إكراه ...........
ويؤدي كل ذلك إلى دعم وشائج الصلة وتعزيز الثقة بين الرؤساء والمرؤوسين وجمهور المنتفعين المتعاملين مع التنظيم أو المؤسسة .............
ومصدر هذه الرقابة في القرآن الكريم من قوله تعالى " قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين " التوبة 105، وقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري .
ثانياً الأسرة ...
ينقل الفرد سلوكه الذي ورثه من أسرته إلى التنظيم أو مكان عمله وهذا السلوك يعبر عن واقع بيئته المعيشية وظروف حياته المادية....
فمثلا الأسرة التي تربي أبناءها على المبادئ والمثل الدينية من صدق وأمان واحترام يبقى هؤلاء الأبناء متمسكين بهذه المبادئ ، وإما التي تربي أبناءها على عدم احترام القيم والمبادئ والتشكيك فيهما ، فأن هؤلاء الأبناء سينقلون نظرتهم إلى القيم والمبادئ إلى التنظيم الذي سوف يعملون فيه .
ثالثاً المؤسسات التعليمية ...
إن المؤسسة التعليمية لها دور كبير في إعداد الطلبة لدخول المجال الوظيفي وفي تكوين الشخصية ، حيث تستطيع توجيهم وتوعيتهم وتدريسهم بعض المساقات في الدين والأخلاق والعلاقات العامة حتى تنجح في تنمية سلوك الطالب الإيجابي تجاه المسئولية والانتماء والإخلاص .
رابعاً المجتمع ...
إن المجتمع الذي تسوده قيم سياسية أو اجتماعية أو عقائدية متناغمة لابد وأن ينقل أفراده هذه القيم إلى التنظيم وتنعأستغفر الله عليهم في ممارستهم لوظائفهم ، وإذا كانت هذه القيم تحرص على وضع حد للمخالفات واللاأخلاقيات وتعاقب المعتدي ولا تراعي فرداً على آخر لجاهه أو مكانته في المجتمع فإنها ستسيطر على الفرد وحال انتقاله إلى المؤسسة أو التنظيم ........
خامساً القيادة القدوة ...
إن القيادة الإدارية الناجحة هي الناجحة هي تستطيع أن تثبت في الهياكل الجامدة روح الحياة عن طريق إشعار كل موظف في الإدارة بأنه عضو في جماعة تعمل متساندة ومجتمعة لتحقيق هدف معين في التنظيم ،فالحياة في أي تنظيم لا تنبعث من الهيكل الذي تقوم عليه ،بل تتوقف علي خصائص القيادة يجب أن تصدر قراراتها في سهولة ولطف ولين دون تكليف ،وأن تقوم السلطة لا علي التسلط والمقصود بالتسلط هو" القوة التي تجعل المرؤوسين يذعنون لها عن رهبة وليس عن رغبة "
أن القيادة القدوة هي التي تأخذ الأمور بقوة ليس فيها شدة ولين ليس فيه ضعف ،وتستطيع أن تغرس فضائل الأخلاق في نفوس المرؤوسين وتوجد روح الجماعة التي تتعاون فيما بينها ،وتحترم الآخرين ،وتكون خادمة لمصالح العامة لا سيدة لها لأنها اكتسبت هذه الأخلاق من رؤسائها وتسقيها لمرؤوسيها0
سادساً الحس الوطني ...
وهو الشعور بالمسؤلية والانتماء إلى هذا الوطن الذي تعيش تحت سمائه وتأكل من خيراته بأنه امانه وفي الوقت الذي سوف تخونه فقد خنت الله ورسوله والمجتمع فمن المعلوم أن حب الأوطان من الإيمان فيجب أن يتحول حبنا لوطننا من مجرد شهارات إلى أفعال من خلالها نحساب أنفسنا وننصح الآخرين حتى لا يتحول الوطن إلى مجرد مطية مال عام منهوب وسائب .
سابعاً الذات ...
إن الإنسان لا يسعى إلى تحقيق غاية ما إلا إذا كان لها صدى في نفسه وتستثير شغفاً خاصاً عنده، ومن هذا فإن العمل الأخلاقي لابد وأن يبدو جميلا وجذابا أمام الذات الإنسانية لكي تقدم عليه . وبالتالي فإن هذه الذاتية ستعمل على إخضاع القواعد الأخلاقية نفسها إلى نظرة الفرد وتقديره الخاص وهذا أمر محفوف بالمخاطر لأنه يعطي القواعد الأخلاقية الثبات والاستقرار والأستغفر اللهمرارية اللازمة لها . .
والسلام ...[/center][/left][/right]